*عن البختري بن يزيد بن جارية الأنصاري ، « أن رجلا من العباد وقف على كير حداد وقد كشف عنه ، فجعل ينظر إليه ويبكي » ، قال : « ثم شهق شهقة فمات »
*عن مالك بن دينار ، قال : دخلت مع الحسن السوق ، فمر بالعطارين ، فوجد تلك الرائحة ، فبكى ، ثم بكى ، حتى خفت أن يغشى عليه ، ثم قال : يا مالك « والله ما هو إلا حلول القرار من الدارين جميعا : الجنة أو النار ، ليس هناك منزل ثالث ، من أخطأته والله الرحمة صار إلى عذاب الله . قال : ثم جعل يبكي ، فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات »
*عن مولى لعمر بن عبد العزيز ، قال : استيقظ ذات ليلة باكيا ، فلم يزل يبكي حتى استيقظت ، قال : وكنت أبيت معه ، فربما منعني النوم كثرة بكائه قال : فأكثر البكاء جدا ، فلما أصبح دعاني فقال : « أي بني ليس الخير أن يسمع لك ويطاع ، إنما الخير أن تكون قد عقلت عن ربك ثم أطعته ، يا بني لا تأذن اليوم لأحد علي حتى أصبح ، ويرتفع النهار ، فإني أخاف أن لا أعقل عن الناس ، ولا يفهمون عني » فقلت : بأبي أنت يا أمير المؤمنين رأيتك الليلة بكيت بكاء ما رأيتك بكيت مثله قال : فبكى ، ثم بكى ، ثم قال : « يا بني إني والله ذكرت الموقف بين يدي الله » ، قال : ثم غشي عليه ، فلم يفق حتى علا النهار ، فما رأيته بعد ذلك مبتسما حتى مات
*عن مسمع بن عاصم ، قال : بت أنا وعبد العزيز بن سلمان ، وكلاب بن جري ، وسلمان الأعرج ، على ساحل من بعض السواحل ، فبكى كلاب حتى خشيت أن يموت ، ثم بكى عبد العزيز لبكائه ، ثم بكى سلمان لبكائهم ، وبكيت والله لبكائهم ، لا أدري ما أبكاهم . فلما كان بعد ، سألت عبد العزيز فقلت : يا أبا محمد ما أبكاك ليلتك ؟ فقال : إني والله نظرت إلى أمواج البحر تموج وتخيل ، فذكرت أطباق النيران وزفراتها ، فذلك الذي أبكاني . ثم سألت كلابا أيضا نحوا مما سألت عبد العزيز ، فوالله لكأنما قصته فقال لي مثل ذلك . ثم سألت سلمان الأعرج نحوا مما سألتهما ، فقال لي : ما كان في القوم شر مني ما كان بكائي إلا لبكائهم ، رحمة لهم مما كانوا يصنعون بأنفسهم
*عن سفيان ، قال : كان طلق إذا قرأ بكى وأبكى ، وكان إذا قرأ لم يسمعه أحد إلا بكى من رقته وحسن صوته ، قال : وقالت له أمه : ما أحسن صوتك يابني بالقرآن فليته لا يكون وبالا عليك غدا في القيامة . فبكى حتى غشي عليه
*عن عبد الله بن نافع المديني ، قال : حدثنا أبو مودود ، قال : بلغني أن عمر بن عبد العزيز قرأ ذات يوم : ( وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا ) فبكى بكاء شديدا حتى سمعها أهل الدار ، فجاءت فاطمة ، فجعلت تبكي لبكائه وبكى أهل الدار لبكائهم ، فجاء عبد الملك ، فدخل عليهم وهم على تلك الحال يبكون ، فقال : يا أبه ما يبكيك ؟ قال : « خير يا بني ، ود أبوك أنه لم يعرف الدنيا ولم تعرفه ، والله يا بني لقد خشيت أن أهلك ، والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار »
من كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا